المناضل الشهيد بشريا حمودي تقي الله… رحلة عذاب من مخافر الاحتلال الى مخابئ اكدز السرية. |
شهيد اخر يزف الى جنات الخلد بشرايا ابا حازم الذي وفاه الاجل المحتوم صبيحة اليوم بعد صراع مرير مع المرض، الذي سببته سنوات السجن المظلمة وظروفه القاهرة، واساليب القمع والتعذيب الذي كان يتعرض له ابا حازم ورفاقه على يد زبانية الاحتلال المغربي وجلاديه، ذنبهم الوحيد انهم ينتمون الى الشعب الصحراوي الرافض للقهر والذل والركوع…كانت اخر مرة التقي فيها مع المناضل ابا حازم اثناء اشغال المؤتمر الاخير للجبهة الشعبية حيث ظلت البسمة ترتسم على محياه ونضارة الحق على وجهه الوضاء وروحه المرحة التي لا تعرف الملل ولا يتسلل اليها الخمول والكسل رغم تدهور وضعه الصحي، فكانت لقاءات مشحونة بقوة الايمان بالنصر والعزيمة على المضي حتى اخر الرمق في مقارعة الاحتلال واعوانه.تعرفت على المناضل ابا حازم اغسطس 2015 وكانت اول مرة ياتي ضمن الوفود الحقوقية القادمة من الارض المحتلة لكنه كان يعيش القضية من اعماقها ويحمل ذاكرة المقاومة الوطنية في فكره ووجدانه وقد اجريت معه لقاءات مسجلة حول معاناته داخل السجون المغربية باكدز ومكونة وكيف وصل وهو معصوب العينين مكبل اليدين مع رفاقه القادمين من مخافر التحقيقات والضغط النفسي وهم يساقون الى الموت حيث يقول: “لدى وصولنا الى اكدز بدا فصل من التعذيب والاهانة والوان العذاب، كان ذلك في عز فصل الصيف، وبالتحديد شهر ايلول ادخلونا في زنازن مؤصدة بباب من حديد ومن دون تهوية او نوافذ تسمح بدخول الهواء، كنا نتنفس بصعوبة في تلك الحجرات التي يضيق فيها التنفس من شدة حر التعذيب وحر الصيف”ويتذكر ابا حازم كيف كانت ملابسه تلتصق بجلده داخل الزنزانة من شدة الحر، وحين يستنجد بخرقة قماش لامتصاص تصبب العرق من جسده الهزيل والمنهك من شدة التعذيب ينسلخ معها الجلد ويمتزج العرق بالدم، حيث وضع ذات مرة خرقة قماش على جبهته لامتصاص العرق فلصقت على الجلد ولما انتزعتها تساقط معها الجلد.يتحدث ابا حازم كيف كانت قوات لمخازنية تزج بهم في زنازن موحشة تضيق بالسجناء وعن التعليمات التي كانوا ينفذونها في حقهم حيث لايراعون قدرة استيعاب الحجرات الضيقة، ويكدسونهم داخل زنازن ضيقة مليئة بالحشرات وتفوح منها روائح نتنة، كانت حالتهم كحال القطيع الذي يساق الى الموت.يتذكر بشرايا حادثة افزعتهم ورافقهم ترهيبها النفسي طيلة ايام السجن الطويلة ولياليه الحالكة سقوط افعى من السقف، على احد رفاقهم ولما تحسسها فزع واشمأز جسده المنهك وصرخ بها افعى افعى …كانت الحشرات تتساقط من السقف الذي كان مرتعا للحشرات والافاعي والثعابين، وكانت هذه المخلوقات المزعجة تسقط بين الفينة والاخرى على السجناء وتسبب رعب مستمر لهم، وموت يتهددهم حيث توفي سجين مغربي من الحركات اليسارية متأثرا بعضة ثعبان ظل يصارع الموت حتى توفي داخل السجن هذا قليل من كثير .خلال وصول مجموعة ابا حازم الى اكدز تم تحويل السجناء الصحراويين المختطفين قبلهم الى مكونة، كون اكدز مركز احتجاز سري يجب ان يمر عليه الجميع ويذوق من عذباته. ويقول بشرايا “وصلنا نحن اربعة عشر وتم الحاقنا بقرابة 70 معتقل قادمين من مركز اعتقال بالدار البيضاء تم احتجازهم في نهاية 1979 وبداية 1980 وتم اختطافهم من العيون والداخلة والطرفاية وبوجدور، وتم ادخالنا في نفس الوقت الى اكدز …مضينا تسعة اشهر هناك من دون تغذية كانوا يدخلون علينا كلاب ويقول مسؤولهم ابدا بالكلاب الاولين قبل اطعام الكلاب الاخرين ويقصدنا نحن وهذا من اجل تحطيم كرامتنا ومعنوياتنا.كما نسمع باستمرار عبارات من قبيل “لن تخرج من هنا وهذا مصيرك الاخير”ولكن رغم هذا التعذيب والحط من الكرامة الانسانية ازداد رفاق بشرايا صلابة وقوة واصرار وايمان، كما ان تسلحهم بالوعي الديني الذي يميز التنشئة الاجتماعية للعائلات الصحراوية.كما ان تعاضض رفاق بشرايا الذين كانو متعاونين متضامنين فيما بينهم بالرغم من الامراض وتساقط بعضهم بسبب سوء التغذية واصابة البعض الاخر بالشلل ساهم في صلابتهم واستمرار صمودهم…وكنت عكفت على تلك الشهادات لجمعها في كتيب لتبقى مرجعا للاجيال الصحراوية تتعرف من خلالها على مقاومة الابطال الذين سيظل الشعب الصحراوي يخلد ماثرهم النضالية ويحتفي بتاريخهم المجيد.رحم الله الشهيد بشرايا ابا حازم واسكنه فسيح جناته ورزقنا واهله وذويه وشعبه جميل الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون.
0 comments: